الأحد، 5 فبراير 2012

نشيد ريلكة...سليمى




نشيد ريلكة

كأنّكَ سكبْتَ الحدائقَ على راحتيَّ
فأطبَقْتُ كفّي على الأُرْجوانِ المُمتدِّ إلى أوَّلِ بابٍ أعماهُ القِدَمُ
أنتَ وحْدكَ ترى الأشجارَ حقائبَ لهجْرَتِنا الصغيرةِ
تُشعِلُ أرضي همساتٍ غريبةً
وَتشْعِلُ المعجزاتُ بيتاً لأسماءِنا الأولى
يَغْزِلُ لنا الضّبابَ في لُغةٍ تأْخذُنا نائمينَ الى ليلٍ أقلَّ
تُلوِّنُ الأَبْجديّةَ بشمُوسٍ مُنسكبةٍ منْ عينيْكَ
وَتقتَرِفُ لُغة َ العُشَّاقِ
تَعْلو خفيفاَ إلى السماءِ التي أوْرَثـَتـْكَ جِزْيةَ المَجَرَّاتِ
يُبلّلُني مَطرٌ أسْوَدٌ مِثلَ شَهَْوةٍ قديمةٍ أيْقظَها مِعْولٌ عَاشِقٌ ذبَحَتْهُ المَرايا ...
وَجَمْراً يَعْزِفُ نَشيدَ الجَسَدِ
أَهْمُسُ لِلاشئِ ، وأُشيرُ الى حَجر ٍ يَسْقطُ في البئرِ ولا يَصِلُ...
هَلْ عَادتْ قصائِدُنا مِن قلْعةِ الرِّيحِ ؟
وَهَلْ قفزَتِ الأسْمَاكُ المُلوَّنةُ مِنْ أكـْوَارِ يومٍ أكثرَ آتِّساعاً مِنْ البَحْرِ
إلى الشَّرَكِ المَنْصُوبِ لِعُزْلتِنَا
هُناكَ حيْثُ البحْرِ مُصْطَخِبا في تـَفاصِيلِكِ
حَيْثُ الحُبّ يَطفُو مُرْتَجِفاً على شَهَقَاتِ أصَابِعِنَا
غَرِّبْ إليَّ إذنْ وارْتديني
أنا ثوْبٌ كالأحلامِ النائمةِ
جَسدٌ يفيضُ أنْهاراً وَسَواحلَ مُقفِرَةً
يَحْرِقـُني المَدُّ والجَزْرُ
ومِزَاجُكَ المُسَطّحُ على رِمالٍ مُتَحَرِّكةٍ
مَاذا لو عَبَرْنا بُحَيْرةَ الذِّئابِ إلى الشّجَّرةِ المُحَرَّّمَةِ ؟
وَصَحَوْنا على حُلُمٍ في زَمَنٍ مُحنّطٍ ؟
وَهذي آخِرُ فراشاتي بِلا أثَرٍ
قبْلَ أنْ تَحْمِلُني المَوَاكِبُ
قبلَ أنْ يَبْدَأَني الإغْتِيالُ
لا أحَدَ غَيْرُكَ يُعِيدُ للخيولِ قافيةَ الرِّمالِ
يَزْرَعُني أُنْثى في وادٍ غَيْرِ ذي زرْعٍ
هَل قُلتُ أُحِبُّكِ ؟
هَلْ قلْتُ لا قافلةً ترْحَلُ إلى تُرابي دونَ نبْعِكَ ؟
ما مَعْنى قصَائِدِنا إنْ غَرّبَتـْنا حُروفٌ بلا ضَحِكاتٍ ؟
وَسَكّـنَتـْنا تَراتيلُ الهِدايةِ ؟
آهِ لو تُعَطّرُنا بِطيبِ الغَجَريّاتِ
هلْ كُنّا خلقْنا حِكْمَةً جديدةً للعُشَّاقِ ؟
يا طِفلةً تُصلّي قبلَ الوِلادةِ بِقليلٍ ..
ثـُمّ تَضِيعُ في تَشَابُهِ الخَسَاراتِ المُضيئةِ
عُودي مِنْ آخِرِ الزُّرقةِ مثلَ حَيْرَةِ رِيْلكةَ "Rélka" المَصْلوبِ في الغِيَابِ...
هذا حبيبُكِ لم تَعُدْ كَفُّهُ وَطناً
وهذِهِ شجرةُ الحُزْنِ تُوزِّعُ سُلَّمَ الزَّفَراتِ على جَوْقَةِ الخَاسرينَ ..
يا طفلةً يَمْلؤُها الرَّحيلُ
أنتِ مَنْ نوّرتِ على ضفافِهِ
وزيّنتِ أعْمِدةَ قَصْرِهِ المِزَاجيِّ
عَودي مِن ثنايا الحَجَرِ
ولا تَكُفــّي عَنِ الطّـوَاف ِ ............




بقلم /
سليمى السرايري
تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق